خبير آثار يرصد مساجد ومتاحف وقصور بقلعة صلاح الدين بعد افتتاح سارية الجبل

وأوضح أن منشئ القلعة هو صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة 572 هـ، 1176 م، وقد نقش ذلك على باب قاعة أحد أبواب القلعة نصه: “وأمر بتشييده”. هذه القلعة الرائعة المجاورة لمحرس القاهرة والتي جلبت الخير والنفع لسيدنا الملك الناصر صلاح الدنيا والدين. بنى صلاح الدين قلعتين. وفي سيناء هما قلعة الجندي وقلعته في جزيرة فرعون بطابا لمقاومة الصليبيين، وكان له طريق خاص إلى سيناء يربط بين القلعتين.

وكانت أسباب البناء لصد غارات الصليبيين ومقر الحكومة على قمة جبل المقطم في مكان كان يسمى بقبة الهواء. بناه وزيره بهاء الدين قراقوش، ومات صلاح الدين قبل أن يكتمل البناء الذي أكمله أخوه الملك العادل من الجدران والأبواب. وأكمل الملك الكامل الأبراج التي بلغ عددها 18 برجاً تدعم أسوار القلعة. وأول من اتخذها مسكناً للملك هو الملك الكامل.

وأضاف الدكتور ريحان أن علماء الحملة الفرنسية رسموا أقدم خريطة للقلعة في كتاب “وصف مصر”، وعندما احتلت بريطانيا مصر عام 1882، استخدمت القلعة كمقر قيادة للجيش البريطاني حتى عام 1946 عندما قام البريطانيون بإخلاء القلعة. ورفع فوقها العلم المصري واستلمها الجيش المصري، وظل تحت قيادتها حتى تولتها هيئة الآثار المصرية عام 1983.

وأشار إلى أهمية مساجد القلعة والتي يجري افتتاح أحدها اليوم وهو مسجد سرية الجبل ومسجد الناصر محمد الذي يعود تاريخه إلى عام 718هـ/1318م وكان يعرف بالناصري. مسجد نسبة إلى الناصر محمد. وكان يعرف أيضاً بمسجد الخطبة، فهو المسجد الرسمي الذي تقام فيه صلاة الجمعة، وتبلغ مساحته أكثر من ثلاثة آلاف متر مربع. ويتسع لخمسة آلاف مصل، وفيه مئذنتان، ومصلى يحيط بالأروقة، وقبة كبيرة ترتكز على أعمدة ضخمة من الجرانيت. وقبة هذا المسجد عبارة عن قبة خضراء تقع فوق المحراب تشبه قبة المسجد النبوي، وهي من القباب المميزة في العصر المملوكي.

مسجد محمد علي والذي يسمى بمسجد المرمر أو مسجد المرمر لكثرة استخدام هذا النوع من الرخام في تكسية جدرانه، بناه محمد علي باشا من عام 1830 إلى 1848م على الطراز العثماني، على غرار الطراز العثماني. مسجد السلطان أحمد بإسطنبول، وأضاف إليه عباس حلمي باشا الأول، ومحمد سعيد باشا، وإسماعيل. باشا توفيق باشا، وكانت أكبر عملية ترميم في عهد فؤاد الأول الذي أمر بإعادة المسجد إلى رونقه القديم بعد أن أصيبت جدرانه بالتشققات بسبب خلل هندسي. كما اهتم ابنه فاروق الأول من بعده بالمسجد وفتحه للصلاة مرة أخرى بعد الانتهاء من عملية الترميم.

تم بناء المسجد في قسم من أرض قصر الأبلق داخل قلعة صلاح الدين الأيوبي. وتخطيطه مستطيل، وينقسم إلى قسم شرقي معد للصلاة، وقسم غربي وهو الفناء الذي تتوسطه نافورة. ولكل قسم من القسمين بابان متقابلان، أحدهما في الجنوب والآخر في الشمال. القسم الشرقي مربع الشكل، طول ضلعه الداخلي 41. مترا، تتوسطه قبة عالية قطرها 21 مترا، وارتفاعها 52 مترا عن مستوى أرضية المسجد. ويرتكز على أربعة أقواس كبيرة، وترتكز حوافه على أربعة أكتاف مربعة. ويوجد حوله أربعة أنصاف قباب، ونصف خامس يغطي بروز المحراب، بالإضافة إلى أربع قباب صغيرة موزعة في زوايا المسجد. .

مسجد سليمان باشا الخادم، المعروف بقطب الجبل، أنشأه سليمان باشا الخادم أحد ولاة مصر العثمانيين عام 1528/1529م. وهو أول مسجد أنشئ في مصر على الطراز العثماني. ويتكون من قسمين أحدهما مغطى بقبة في الوسط محاطة بأنصاف قباب مزينة بنقوش ملونة تتخللها كتابات متنوعة. وتغطى جدرانه من الأسفل بحجاب رخامي ينتهي بشريط من الخط الكوفي مزين بآيات قرآنية. ويتوسط جداره الشرقي محراب ومنبر من الرخام، وفي الجدار الغربي باب يؤدي إلى القسم الثاني.

ويتكون القسم الثاني من صحن أوسط مفتوح، أرضيته مغطاة بالرخام الملون، ويحيط به أربعة أروقة تغطيها قباب ترتكز على عقود ترتكز على أكتاف. وفي الجانب الغربي من الفناء توجد قبة صغيرة تحتوي على عدة مقابر ذات هياكل رخامية مع شواهد قبور تنتهي بنماذج مختلفة من أغطية الرأس التي كانت منتشرة في ذلك العصر.

وأوضح الدكتور ريحان أن القلعة تضم أربعة متاحف، متحف قصر الجوهرة، ومن بين مقتنياتها ثريا تزن 1000 كيلو جرام، أهداها ملك فرنسا “لويس فيليب الأول” لمحمد علي باشا، وكذلك كرسي عرش محمد علي الذي أهداه له ملك إيطاليا وهو قصر للضيافة بمنطقة القلعة. وتضم ممتلكات محمد علي باشا والهدايا التي كانت تقدم لأسرة محمد علي حتى عهد الملك فاروق. تم بناؤه عام 1814م، وتعرض للحريق بعد فترة وأعيد افتتاحه عام 1983م.

متحف العربات الملكية والذي تم افتتاحه عام 1983، وتحكي مقتنياته تاريخ العربات الملكية من عصر الخديوي إسماعيل حتى عصر الملك فاروق، بالإضافة إلى مجموعة من الملابس والإكسسوارات الخاصة بالخيول المخصصة لسحب هذه العربات . كما تضم ​​مجموعة من اللوحات الزيتية الجميلة بالإضافة إلى أحد التمثالين النصفيين للخديوي إسماعيل. .

يقع المتحف الحربي في الجزء الشمالي الغربي من القلعة، والذي يطلق عليه “قصور الحرم الثلاثة”، وهو يطل على جبل المقطم والحطابة وباب المدرج (مدخل القلعة). أمر محمد علي باشا ببناء هذه القصور عام 1812، بداية بالقصر الأوسط، ثم القصور الشرقية والغربية، وكان محاطًا بسور. تم هدم أحدها الآن، وتركت الحديقة مكشوفة أمام القصر الأوسط. هذه القصور الثلاثة متشابهة تقريبًا في التصميم.

وأشار الدكتور ريحان إلى أن المتحف الحربي أنشئ عام 1937 في مبنى وزارة الدفاع القديم بشارع الفلكي بالقاهرة، ثم انتقل إلى مبنى مؤقت بجاردن سيتي عام 1938 وتم افتتاحه رسميًا في قصر الهرم عام 1938. القلعة في نوفمبر 1949، وتم تجديدها وإعادة افتتاحها عام 1982، وتم تطويرها بالتعاون بين وزارة الدفاع وهيئة الآثار. تم افتتاحه بعد التطوير عام 1988 وتم تطويره مرة أخرى بالشراكة مع جمهورية كوريا الديمقراطية عام 1990 وافتتح عام 1993. يضم المتحف عدة قاعات هي قاعة المجد، قاعة الملابس، قاعة المدفعية، قاعة الأسلحة، قاعة عصر مصر القديمة، العصر الإسلامي، عصر أسر محمد علي باشا، قاعة نصر أكتوبر، قاعة الشهداء، ميدان العرض المفتوح.

يقع متحف الشرطة في الجهة الشمالية الغربية للقلعة في المنطقة التي كانت تسمى “ساحة العلم”. تم افتتاحه عام 1986 ويضم صور وزراء الداخلية من عام 1878م بداية من مصطفى رياض باشا حتى عام 1984م، وصورة شخصية لمحمد علي باشا، وأسلحة ودروع وخوذات وحراب، بالإضافة إلى مجموعة من أوسمة الشرطة، نبذة مختصرة عن أدهم الشرقاوي ونشاطه، بعض العملات المزيفة والآلات المستخدمة في التزوير، قسم الاغتيالات السياسية، ومعركة الإسماعيلية.

كما يعرض تطور الشرطة من عصر مصر القديمة إلى العصر الحديث، صورتين لريا وسكينة، مقتنيات أجهزة الأمن المصرية القديمة والحديثة، الأدوات المستخدمة في أقسام الشرطة، زي الشرطة، وبعض صور المشاهير الضباط.

ويختتم الدكتور ريحان ببئر يوسف الشهير بالقلعة، أو بئر الدوامة جنوب مسجد الناصر محمد. وهو البئر الذي حفره صلاح الدين الأيوبي إلى عمق 85 مترا، وكان يعرف باسم “بئر يوسف” نسبة إلى الملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب، وهو صلاح الدين الأيوبي.